الحجة الأشهر
تعد رحلة حج هارون الرشيد و زوجته زبيدة أم جعفر الأشهر بين رحلات حج الخلفاء قاطبة فقد تركت أثر طيب على طريق الحج العراقي الذي بات يعرف بإسم ( درب زبيدة ) إعتراف بعناية زبيدة بتمهيد طريق الحج و تزويده بمحطات لراحة الحجاج بعد أن كانت المنازل تعد لإستقبال الخلفاء فقط أثناء سفرهم للأماكن المقدسة كما حفلت سيرة هارون الرشيد بالعديد من المعاني الدينية و السياسية التي تناقلها المؤرخون في مؤلفاتهم فقد خرج هارون الرشيد معتمر في رمضان عام 179 هـ و بقى مقيماً بمكة لحين موعد الحج و يذكر المقريزي في كتابه ( الذهب المسبوك فيمن حج من الخلفاء و الملوك ) إن الرمل كان يطرح له حول البيت و مقدار عرضه ذراعان و يرش بالماء و يبعد الحرس الناس و كان يطوف بين المغرب و العشاء 13 أسبوع أرهق خلالها رجاله و حرسه و يعد هارون الرشيد أول من قدم ناسكه ماشي من ملوك الدنيا فقد مشى من مكة إلى منى و إلى عرفات و شهد المشاعر كلها ماشي و كذلك فعلت زبيدة عند حجها و قد تركت رحلته للحج أثر بالغ في نفسه مما صادفه من فقهاء و زهاد الحرم الذين نبهوه لأمر الآخرة و ذكروه بهوان الدنيا التي يظن أنه ملك مفاتيحها أمام سلطان الخالق عز و جل حتى أنه ظل طوال حياته يتولى الإنفاق على حج نحو 100 من العلماء و الفقهاء و أبناءهم إذا لم يتيسر له الحج أو يستبدلهم بـ 300 رجل يزودهم عند الحج بالنفقة و الكسوة الطاهرة الفاخرة و كان ذلك البزخ كفيل بأن يقول أحد المؤرخين أنه إذا ما قيل للدنيا متى أيام شبابك ؟ قالت أيام هارون الرشيد و الطريف أنه في رحلة حج هارون الرشيد الشهيرة أنه قام بها بعدما أنبه ضميره على عدم الوفاء بيمين أقسمه لأخيه الخليفة موسى الهادي على ألا يتزوج بعد وفاته بأم ولد له تعرف بإسم ( أمة العزيز ) و كانت فيما يبدو فائقة الحسن إلى الحد الذي لم يبر معه هارون الرشيد بوعده فلما ولدت له إبنه ( علي ) و جاء كما يقول المؤرخون أقبح الناس صورة عزم على أن يقضي الفريضة ماشي تكفير عن حنثه في يمينه .